بين الأدب والسينما تساؤلات حول الإدانة العامة في “خط التماس”
في الطريق إلى مهرجان الإسماعيلية السينمائي، وبينما تتوارى صخب القاهرة خلفي، حملت معي كتاب “عزيزي السيد كواباتا” للكاتب اللبناني رشيد الضعيف، في قراءة ثانية تتزامن مع مرور خمسين عامًا على الحرب الأهلية اللبنانية.
كان ذلك بمثابة مقدمة غير مقصودة لمشاهدة الفيلم الوثائقي “خط التماس”، ضمن برنامج عروض المهرجان، حيث يتقاطع الأدب والسينما في تساؤل مشترك: كيف يمكن أن تظل الإدانة العامة بلا تورط حقيقي في تحليل الأسباب؟
الفيلم الذي أخرجته اللبنانية فداء بزري والفرنسية سيلفي باليوت، يعود إلى بيروت الثمانينيات عبر عيون الطفلة فداء، التي نشأت وسط “الجحيم الأحمر”، كما كانت تسميه جدتها.
بأسلوب ستوب موشن متقن، تستعيد المخرجة ذكريات الحرب مستخدمةً دمى صلصالية ومنمنمات تعيد تمثيل لحظات الصراع.
ورغم الإبداع البصري، يبقى الفيلم عالقًا في خطاب تطهري، يدين الجميع دون التعمق في تحميل المسؤولية أو تقديم تحليل نقدي.
أمام هذا الطرح، يقف كتاب رشيد الضعيف كمقارنة مثيرة, فهو أيضًا ينتقد الجميع، لكنه ينسج سرده بأسلوب شخصي، بعيدًا عن البكائية أو الشكوى.
وبينما يتساءل الفيلم عن قيمة الحياة وسط الصراع، يتساءل الكتاب عن جدوى الإدانة الشاملة التي لا تقدم إجابات واضحة.
في النهاية، يظل “خط التماس” وثيقة بصرية مهمة، لكنه ربما يمر على القضية دون أن يغوص فيها، كما لو كان توثيقًا متأخرًا لقضية تحتاج إلى خطاب أكثر جرأة ووضوحًا.
ومع ذلك، يظل المهرجان في حد ذاته فرصة ثمينة للحوار، رغم الإمكانيات المحدودة، مما يجعله مساحة مفتوحة لمساءلة الماضي والمستقبل على حد سواء.